قُصاصات وقِصص ومجازفة وأمل. ها هي بين أيديكم أعزائي القُرّاء أشارككم بها، قصاصاتٍ من دفتر مذكراتي فيها قصصٌ من رحلة أشبه بمغامرات الخيال فقد قبلتُ المجازفة بأن تخرج تلك الكلمات لترى النور وكلي أمل بأن تتحول ما بيننا السطورُ إلى جسورٍ طمعاً بحفنة صداقات وفيض بركات والمزيد من المحبة أبداً.
مذكرات زوجة قسيس شابة
/البطلة/
المشهد الأخير...
تنقله إليكم الشاشات بنقاء عالٍ HD لتعيشوا الحدث لحظة بلحظة...
عندما تسقط البطلة... رحلة الأسيرة الأخيرة... ساعات ما قبل الإعدام...
"أنا لستُ بطلة... لم أُرِد يوما أن أكون بطلة، لم يُغرِني الوشاح الخارق والشعار الخاص والإسم الحركي وأضواء الشهرة... فالأبطال دائماً يدفعون الثمن، فقط في أفلام الرسوم المتحركة نرى النهاية السعيدة للبطولات مع خاتمة الفيلم حيث تنكشف الأكاذيب ويعلو صوت الحقيقة ويعيش الجميع في سعادة وهناء...
بدون تعليق: هذه القصة من نسج
الخيال، وأي تشابه بينها وبين الواقع هو محض صدفة لا أكثر... أما بالنسبة للصغيرات اللواتي يراقبننا ويريننا "بطلات" في عيونهن... فليس في جعبتي نصائح حكمة أسديها إليهن في الوقت الحالي... فأنا لازلت أدفع أثماناً باهظة... على أمل أن أتمّ المهمة قبل أن تكبر الصغيرات كيلا أورّثهن ديونا لا قدرة لهن على سدادها...
عندما تسقط البطلة... رحلة الأسيرة الأخيرة... ساعات ما قبل الإعدام...
دعوني في البدء أقترح
عنوانا بديلا للمقال قد يجده البعض مناسباً أكثر:
مذكرات زوجة قسيس
كافرة
/اليسوعة/
اختيار هذا
التاريخ على وجه التحديد لتنفيذ حكم الإعدام في اليوم العالمي للمرأة، له دلالات
عدة، أهمها أن تكون هذه "البطلة" عبرة لمن اعتبر، فيشهد الثامن من
آذار/مارس 2018 نجاح حملة "كم الأفواه" لبثّ الرعب في نفوس كل الإناث
اللواتي تسوّغ لهن أنفسهن – وألسنتهن وحساباتهن الإلكترونية – على التفوه بالحقيقة،
وبالتالي يمتنعن عن ذلك...
تُثار التساؤلات
كغيمة غبار تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي:
هل حقاً وقعَت
البطلة في الأسر؟
أم أنها هي التي سلّمت
نفسها طواعية للسلطات... الغير معنية؟
هل يحق للأبطال
الإستسلام؟
يمشي شريط الأسئلة
أسفل الشاشة ليقرأه المشاهدون وهم يتابعون البث المباشر.
لا تخلو الجماهير من زمرة قليلة جُلّ ما يعنيها هو كون الأسيرة امرأة هذه المرة ولا بد للثياب الممزقة من أن تكشف عن أنوثة تلعقها عيونهم الجرباء، لكن نسبة كبيرة من المتفرجين يرون الأكبال وكأنها أساور وخلاخيل تجمّل الأسيرة وتزين معصميها ورسغيها، والبقية الباقية هم الأغلبية الواقعية التي تتأمل لون الحديد الصدىء تنساب من فوقه دماء طازجة بأحمرها اللامع في عز شمس الظهيرة...
لا تخلو الجماهير من زمرة قليلة جُلّ ما يعنيها هو كون الأسيرة امرأة هذه المرة ولا بد للثياب الممزقة من أن تكشف عن أنوثة تلعقها عيونهم الجرباء، لكن نسبة كبيرة من المتفرجين يرون الأكبال وكأنها أساور وخلاخيل تجمّل الأسيرة وتزين معصميها ورسغيها، والبقية الباقية هم الأغلبية الواقعية التي تتأمل لون الحديد الصدىء تنساب من فوقه دماء طازجة بأحمرها اللامع في عز شمس الظهيرة...
صوت قرقعة السلاسل
بإيقاع سير الأسيرة البطيء يتردد صداه عبر فضاءات السوشال ميديا مرفقاً بهاشتاج
#أيقونة_الحقيقة بهدف السخرية من البطلة إسوة بهاشتاج عمره آلاف السنين
#ملك_اليهود، فقد عجز الجنود الرومان آنذاك، وسجّاني الفكر في يومنا هذا عن إدراك
نفور البطل (أي بطل) من الألقاب، بما فيها لقب البطل/البطلة. لكنها الخدعة
التسويقية التي تساعد في تكاثر أعداد المتابعين وتزيد سرعة انتشار الخبر كالنار في
الهشيم وتدفع بالعيون المذعورة والأصابع المرتجفة إلى الضغط على المثلث المائل
فيبدأ تشغيل الفيديو لنقرأ في مُستهلّه جملة تحذيرية: "هذا الفيديو يحتوي على
مشاهد عنف لا تناسب أصحاب القلوب الحساسة"... جملة لن تُثني أحداً عن
المشاهدة، فالإنسان بطبعه مخلوق فضولي، سيضاعف فضولَه استخدام كلمة
"بطلة" ويا حبذا لو صاحبتها كلمة صادمة لتكوين عنوان رنان: "سقوط
البطلة"...
كتعطش مصاصي
الدماء لغرز أنيابهم في جسم الضحية، يغرز الفضوليون أنوفهم ليشتمّوا الرائحة
اللاذعة لما أسموه "فضيحة"... بينما في مكان آخر... في عُلّيات مُغلّقة،
تجتمع الركب والأسنان المصطكّة رعباً، حيث أحكمَت التلميذات المختبئات إقفال
الأبواب والشبابيك خوفاً من تعرضهن للإعتقال وتلقّي ذات المصير...
التهمة: سؤال
نَصّه: ماذا لو تجسد
الله في جسم إنسان أنثى؟
كانت الصياغة
الاولية لهذا السؤال نابعة من عفوية وبراءة تفكير ابنتي بُعَيد عيد ميلادها السادس:
"هو ليه يا ماما في يسوع ومفيش يسوعة؟" عجزتُ يومها عن الرد، إلا أن
الفكرة سكنتني كالمرض العضال الذي تظهر أعراضه بصورة تساؤلات وتهيؤات تعاودني كلما
وجدَت لنفسها شرارة جديدة كأن أنظر إلى السماء فأرى الغيوم وقد اصطفت ليكتب
بياضها: #Me_Too إلهي حي،
ويقول لي أنه يشعر بي...
هل هذه حقيقة؟ أم
أنها وهمٌ تمنّيته بالشدة الكافية إلى أن تحول إلى حقيقة؟
إذا كان يسوع
الإنسان قد عاش ذكراً في الجسد، فكيف يمكنه أن يفهمني أنا الإنسان الأنثى في
الجسد؟
هل حقاً أنه يشعر
بي، وأنا بداخل جسم امرأة؟
هل يتّحد معي في
إنسانيتي، في جسدي، ليس كخالقه بل كمرتديه وساكنه؟
هل يلبس جلدي في
نعليه ويمشي به ميلاً، طواعية، دون أن يسخّره أحد؟
هل سار فعلا على
الأرض مثلي؟ أنثى في شارع ذكوري...
هل حمل عاري؟ عار أنثى،
معيوبة لمجرد كونها أنثى، وكأن الأمر بيدها، صوتها عورة، وكينونتها عيب العيب...
هل ذاق طعم
مخاوفي؟ مخاوف أنثى تنتفض عندما تنقضّ عليها المخاوف كالضباع...
هل كان جسده الذكوري كجسدي؟ يمكنه أن يحتوي نار الحب دون أن يكتوي بها... يمكنه أن يتلوّى من الألم
بداخله دون أن يعتلي وجهَه أي تعبير... يمكنه أن يحبل ويلد ويُرضع أفكاراً كنسل
إبراهيم بعدد رمل البحر ونجوم السماء... يمكنه أن يسقي سنيّ عمره دمعاً وقطرات عرق نازلة كالدماء مع آخر كل نهار ومع مطلع كل فجر يختم ليلة طار نومها... يمكنه أن يحيك مشاعره شبكة تسافرعبرها
الأحاسيس بسرعة الضوء فتزيد زينتها جمالاً وتقعيداً وتحولها إلى فخ يصطادني ويوقعني
فريسة في شرك المشاعر المتشابكة المعقدة...
ماذا لو كان الله قد
اختار في ملء الزمان أن يتجسد في صورة ذكر لكنه عبر العصور والأزمنة يختار مراراً وتكراراً إناثاً
ليشرّفهن بأن تتجسد أفكاره وحبه وحقه وحريته وحضوره من خلالهن؟ يدعوهن ليعرفن الحق والحق
سيحررهن... يعرفن الحق ويعشن الحقيقة...
دفعَت بي سذاجتي
في بادئ الأمر إلى أن أتفوه بالحقيقة علانية وأفضح أكاذيب طالما سكتنا وتعامينا عنها وتناقلناها عبر الأجيال... رفعتُ صوتي إسوة بإناث أخريات فعلن هذا في مجتمع ولغة
مختلفين، بينما كنت أتخيل مشهداً سعيداً للحرية تهبط كأسراب الحمام تحطّ كل حمامة
منها على كتف إحدى الإناث "البطلات"، وعند وصول حرّيتي أنا سمعتُ الصوت المنتظَر: "هذه
ابنتي الحبيبة التي بها سررت."
لكن تخيلاتي
اصطدمت بالواقع الزمني والمجتمعي الذي أعيشه وإذا به يعيدني إلى مشهد الإعدام حيث
سُلّطَت مكبرات الصوت على أفكاري وفاجأني سماعها:
"أنا لستُ بطلة... لم أُرِد يوما أن أكون بطلة، لم يُغرِني الوشاح الخارق والشعار الخاص والإسم الحركي وأضواء الشهرة... فالأبطال دائماً يدفعون الثمن، فقط في أفلام الرسوم المتحركة نرى النهاية السعيدة للبطولات مع خاتمة الفيلم حيث تنكشف الأكاذيب ويعلو صوت الحقيقة ويعيش الجميع في سعادة وهناء...
ماذا لو أمكنني
تقاسم العذاب مع أخريات، هل سيقل نصيبي من الجرعة؟
ماذا لو تم
الإعدام بسرعة، رمياً برصاصة رحمة؟
ماذا لو ولِدتُ في
عصر مستقبليّ، كان جلّادوه أكثر رفقاً؟"
عندما أدركتُ أن
الملايين قادرون على سماع أفكاري، نظرتُ إلى الشاشة العملاقة وقد كتب أسفلها:
"الكلمات الأخيرة للأسيرة" فسمعت صوتاً ما في داخلي أقرب إلى الأنين منه
إلى الكلام العادي، وقبل أن أتمكن من تمييز الجملة، قرأتها مكتوبة على الشاشة:
"يا أبتاه،
إن أمكن، أن تعبر عني هذه الكأس..."
No comments:
Post a Comment