Saturday, July 26, 2014

سرّ الأح أوو

منذ أكثر من عشرين عاما، من ذكريات سنوات المراهقة، انتشر ذلك النوع من النكات الطويلة التي تشعر في منتصف سردها بالملل الشديد لدرجة أنك تضطر إلى الضحك ليس لأنها مضحكة بل لأنك وصلت إلى النهاية أخيرا. كانت إحداها تسمى "سر الأح أوو" وباختصار شديد يصل الباحث عن هذا السر إلى مصدر الصوت خارجا من حمام يلعب فيه شخص ما بصنبور المياه وهو يستحم فيفتح الماء البارد تارة ويقول "أح" ثم يفتح الماء الساخن ويقول "أوو".

لم يكن يعلم من ألف تلك النكتة أنه بعد سنين طويلة سيظهر اختراع اسمه "فيسبوك" ويلعب معي نفس اللعبة كلما فتحت صفحته الرئيسية وهي صفحة  تعرض لي لائحة مختارة من أخبار الأهل والأصدقاء حول العالم الذين تربطني بهم "صداقة فيسبوكية" وينشطون في "البوستات" فيما يخص صيف 2014 في حياتهم.

منذ أيام الصيف الأولى، وفي كل مرة أفتح فيها هذه الصفحة كنت أشعر بأنني ألعب تلك اللعبة ذاتها مع اختلاف نوع الصنبور. فمن صنبور أخبار الفيسبوك تدفقت صور المصايف الفاخرة التي ارتادها أصدقائي حيث تتعدد وتتنوع ما بين مناطق رائعة داخل مصر أو في العالم العربي أو حول العالم أجمع. بعضهم كان على موعد مع أكثر من رحلة والبعض الآخر اكتفى بمقتطفات صور تلخص مجمل وقته مع العائلة بعيدا عن هموم الحياة وروتين شتاء طويل. منهم من اكتفى بصور الهواتف المحمولة ومنهم من برع في التقاط صور عالية الجودة والروعة في آن معا.

كنت أجلس خلف شاشة الكمبيوتر في قيظ الاسكندرية ورطوبتها وساعات انقطاع التيار الكهربائي وأيام وأسابيع الحبس الإجباري في المنزل أتأمل قطرات الماء البارد تنزل رشاً حيناً ودراكاً أحياناً تماماً كالمدى المجدي والمدى الأقصى الذي درسناه عن البارودة التشيكية أيام التدريب العسكري في المدرسة وحصة "الفتوة" الشهيرة في حياة كل طالب سوري من مواليد السبعينات والثمانينات وما قبلها فتلك كانت فقرة الـ"أح" من لعبتي. أنهض بعدها مبتلة، أهو عرق بارد أم ماء حقيقي؟ لا أعلم، ففكري مشغول بذاتي ومنحصر حول حسرتي على ما آل إليه حال الصيف هذا العام، صيفي أنا، بعد أن علقت عليه آمالا وأحلاما منها الوردية واللازوردية بأطيافها فتخيلت الراحة والاسترخاء ومددت يدي لأتلقف البهجة والاستمتاع وشنفت أذني لأسمع ضحكات أطفالي وجهزت أقدامي لأركض في حقول الفرح أطارد طريق النحل الذي غنت له فيروز فلا اكتفاء ولا ملل من الدوران في حلقات مفرغة طالما يلفني هواء خفيف وتغادرني سموم أعوام انصرمت راكمتُ خلالها  الكثير الكثير مما هو غير صحي لروحي وجسدي ونفسي. فقرة الـ "أح" كانت أكثر صقوعة مما تخيلت فشتان ما بين صيف أولئك الاصدقاء وصيفي أنا.

"أووو" لا بل "أوووووووووو" حار جدا جدا... من فتح صنبور الماء الساخن فجأة؟ أه انه نفسه من فتح البارد ولكن أبطال المشهد هذه المرة مختلفون فالصور التي شاركونا بها ليست لهم شخصيا ولكن لآخرين يحملون نفس الهوية، نفس الانتماء، يربطهم بهم وحدة حال، حتى وإن اختلفت الوجوه فالصنبور ذو العلامة الحمراء قد تدفق منه ماء ساخن بلون أحمر وليس من يوقف شلال الدم في سوريا وغزة والعراق ومصر حيث توالت الأخبار الرسمية منها والحياتية التي ينقلها مراسلون مثلي أنا يرصدونها من دفتر يومياتهم وصيفهم الحار جدا جدا لدرجة استخدام تلك الصفة حرفيا في الوصف الانجليزي "هوت" لا بل "فيري هوت إيشوز" ويطلقون عليها في نشراتهم الإخبارية لقب "بريكنج نيوز" وهي فعلا أخبار "كاسرة" تكسر الظهر والقلب والضمير.

تختلف مدة جلسة الـ "أوو" مع اختلاف البلد والفترة التي يستغرقها الحدث إلى حين "فتور" القضية فبعد أن تصدرت أخبار سوريا المشهد حلت محلها أخبار غزة لتستوقفها أخبار الموصل ثم عودة إلى أخبار غزة ثانية وفاصل سوري آخر وتعود الكرة إلى غزة تمررها إلى الموصل ثانية وااااااااااااا هدفففففف... هدف... فلنشاهد الإعادة معا... لا انها ليست إعادة فالفِرق الأربعة تسدد وتسجل أهدافا عدة ولا وقت للإعادة ولا حاجة للإعادة أصلا فتكرار الصورة يغني عن ذلك، وها هي الفِرق تستضيف هولندا في ملعب الدم ببعضة أهداف شرفية... إنها فرنسا تنضم إلى القائمة الآن حتى وإن كانت طائرتها سقطت إثر كارثة طبيعية وليس بفعل فاعل أو بفعل حرب إلا أنها تستحق عدد أهداف بعدد أهداف مصر ربما فتلك الأخيرة غادرت الملعب مبكرا أيضا.

وطال التأوه وامتد أنين الـ "أوو" وتحول إلى عويل فنهضت ثانية بتثاقل وغادرت شاشة الكمبيوتر مستبدلة شعور الحسرة بجراد الذنب الذي بدأ يأكل الأخضر واليابس في حياتي. "ليش مانك رضيانة؟"... "شوفي مشاكل غيرك"... "ع الأقل عندك سقف فوق راسك وولادك بخير"... "في شي مرة ولادك ناموا جوعانين؟"..."حاجة تنقي بقا"... "امبسطي"..."اشكري الله ع النعمة اللي انت فيها"... "لا تفتحي تمك ولا بحرف"

التذمر ممنوع باوامر من وزارة الداخلية (الضمير) والفرح ممنوع باوامر من وزارة الخارجية (الظروف) فلجأت إلى وزارة التضامن الرهامي (الوعي) بحثا عن مستقر... بحثا عن صيف... هربا من شفير جنون... صور الصنبور الأزرق بمياه البحار والأنهار وزرقة سماء النزهات والمصايف اختلطت بصور الصنبور الأحمر وتشابه الأخبار رغم تعدد الهويات، للدم لون واحد وطعم واحد. امتزجت صور الصنابير جميعا بصور في رأسي كانت ولا تزال تصوّر لي ما كنت أحلم أن تكون عليه حياتي وأيام أسرتي الصغيرة في صيف 2014. لو صحّت نظرية المؤامرة فلابد أن تكون تلك الظروف على اتصال لاسلكي مع بعضها أو عبر الانترنت لتتفق على توقيت موحد في الوصول إلي حتى وإن لم تنطلق سوية لكنها وصلت معا بفارق بعضة أيام أو أشهر أو بضعة سنوات حتى، إلا أن مفعولها طفى إلى السطح في نفس الوقت، بعضها جاء إلى حياتي بسرعة قذيفة الهاون والآخر دبّ ببطء الحلزون وصبره.

وهاأنذا الآن في المطبخ أتأمل آنية مرتصة على الرخامة بانتظار إشارة مني، لست ذلك "الشيف" الماهر المتحكم بمجرى الأحداث ولكنني وإن لم أملك كامل الزمام إلا أنني لازلت أتمتع ببعض "الكونترول" كي أصنع شيئا ما. سأجرب وأخلط وأزيد وأنقص من مقادير ما عندي كي أتوصل إلى وصفة مثالية، ليست مثالية بالمطلق لكنها مثالية لي أنا تحديدا في هذا الوقت من حياتي تحديدا، وصفة تسعفني لأني بحاجة إلى البقاء على قيد الحياة ووصفة تغذيني لأني أريد أن أحيا ملء الحياة. سأطرد الحسرة لأنها قد تتحول إلى غيرة أو مرارة كلما قارنت نفسي بالآخرين وسأطارد الذنب لأنه يلون كل المشاعر بلون واحد لا رائحة له ولا إسم.

في أي لحظة من حياتي أنا أغنى من الكثير من الناس وأفقر من الكثير من الناس فالقرار في يدي أن أختار أية نظارة تزين أنفي. دموعي ملكي أنا وحقي أنا وليست حكرا على منطق "اللي يشوف مصيبة غيره تهون عليه مصيبته" لكنني لن أقبع في مستنقع الألم فابتساماتي هي أيضا من حقي وليست عبدة لإعاقات مجتمعنا التي تحذرنا "الله يجيرنا من شر هالضحك".
عندما أبكي سأكفكف دموعي بكفي أنا وليس بسدادة دمع اسمها "احمدي الله غيرك متمني اللي انت فيه" وعندما أضحك سأقهقه وأققز وأرقص دون الاستعراض الذهني لصور المأساة السورية التي سمّرت قدماي بالأرض مع تحيات شركة "كيف فيكي تمبسطي وغيرك ما نشفت دموعو وبلدك ما نشفت دماتو".

أنا إنسان من إصدارات عام 1979 أخضعت نفسي لعملية تحديث "أبجريد" للتماشي مع "تكنلوجيا" عام 2014 فغدوت أمتلك خاصية الإبادة لعقدة طالما توارثناها هي عقدة الذنب. ذلك الذنب الذي دعوناه ضيفاً دائماً في أفراحنا وأتراحنا يفسد علينا لحظات السعادة مهما كانت صغيرة متناثرة، ويحرمنا من الحق في الحزن بحجّة أن هناك من هو أتعس حالا منا.
بدل أن نحارب الذنب اخترنا أن نهرب منه فاختلقنا سعادات تافهة وحصرنا أنفسنا بها متناسين من حولنا مجترّين مباهج الحياة بأنوف مترفعة عن رؤية البؤس من حولنا ومد يد العون فقبضتنا محكمة الإغلاق بأنانية حفاظاً على كل ما نملك بدلا من أن نمدها لنشارك المحتاج بكيس من السكر، بعضنا هرب إلى السعادة والبعض الأخر هرب إلى التعاسمة فاختلقنا شرانق حزن أبدي نحيكها من حولنا كي نجلس داخلها بأمان نلعق جراحنا دون أي نية للخروج ثانية والعودة إلى العالم فالحزن عذر مريح يعفينا من أي إنجاز أو مسؤولية تجاه أنفسنا والآخرين وبات ومن الخسارة تمزيق شرنقة قد استثمرنا وقتا طويلا في تلوينها وتزيينها وتعليق الصور التذكارية على جدرانها.

وتستمر حملة اقتلاع الذنب من جذوره واكتشاف وصفة حياة بمقادير واقعية، أما أسرار صنابير الـ"أح أوو" فهي تعمل بكفاءة حتى وإن كانت " المي مقطوعة... يا أفندي "


بدون تعليق: اخترت هذه المرة صورة من غرفة غير تقليدية في منازلنا قلما نشارك صورا منها... الحمام... وعلى المرآة علقت أربع قطع تجلب لي ابتسامة عذبة كلما لاحظتها وتأملتها فهي تعكس الكثير بغض النظر عن خناقات الليل "مين لسا ما فرشا سنانو؟"

Tuesday, July 22, 2014

when humanity failes

In case you don't know what these photos represent, here's a list for you to google what happened during this week of July 2014:

Iraq - Mosul - Christian families
Egypt - 21 - Border guards
Palestine - Gaza - 2014 - Bloodiest day
Syria - Raqqah - Stoning to death
Netherlands - MH17

I recognize no difference... humanity failed... faces of victims everywhere looking at us... a long gaze full of why's... they speak to us...

I'm a soldier, a fresh graduate from med school, with high honors, I'm an OB, all I wanted to do is help bring babies to this life, bring life... help women... get married... have kids of my own... I was on duty, one year of army service... I got killed... humanity failed me

I'm a boy, playing on the beach with my friends, certain propaganda says I was going to grow up and become a terrorist... but this is my beach, my land, my right to live... I got killed... humanity failed me

I'm a girl, walking and walking and walking... "why did we leave home Mama?"... "where are we now?"... "I'm hungry Mama, I want my toys, my church, my city"... why are these people around me getting killed?... who let these people take our home?... I'm lost in the unknown future in the middle of nowhere... humanity failed me

We're a couple... going on vacation... we have big plans for our summer... we got killed... humanity failed us

I'm a woman... accused of something I did or didn't do... sentenced to death... if death comes in different tastes then here's one of the ugliest options... one stone after the other... I got killed... humanity failed me

ENOUGH bloodshed.... there's no difference... religion, color, nationality, occupation, age, dreams, family, friends, past, future.... we all have different lives but we share one right... THE RIGHT TO LIVE... I recognize no difference... we're all the same... THESE are all the same... each and every life is precious...

move from the why to the what... ask yourself WHAT can I do? what SHOULD I do when humanity fails?

Saturday, July 12, 2014

أنا أم عربية

كتبت على صفحتي على فيسبوك يوم 30 يونيو 2013 ما يلي (مع حذف أسماء أولادي فأنا لا أكتبها في مدونتي كما أتجنب صورا واضحة لوجوههم لأسباب لا متسع لذكرها الآن):


أنا "ف"... عمري 4 سنين

وأنا "ي"... عمري سنتين


في كتير ناس بتقول ان الطفولة هي أحلى مرحلة في الحياة، لأن فيها البراءة والفرح الحقيقي، فيها أكبر هم هو انه لعبة تنكسر أو الشي الطيب يوقع ع الأرض (الحاجة الحلوة يعني)... فيها الحب الغير مشروط والتفاؤل الساذج وكمان البكاء الآني والهيستيري بلا قيود... والكبار بيتطلعوا فينا وبيحسدونا على هالأيام بنظرة النوستالجيا لطفولتهم

بس يمكن يكون هاد جزء من الحقيقة لأن الجزء التاني بالنسبة إلنا نحنا الاتنين هو قديش صعب تكون طفل عايش بالعالم العربي بسنة 2013، خاصة لو كان نصك مصري ونصك سوري... هالخلطبيطة مانها "وصفة طفولة مثالية" متل وصفات الأكل على فتافيت أو وصفات الجمال بالمجلات أو وصفات النجاح بالكتب أو وصفات الذكاء ع الانترنت... هي ببساطة "وصفة صعبة"... صعبة علينا وصعبة على أهلنا...

اليوم 30 يونيو\حزيران 2013 إله أسماء لانهائية بس هو بالنسبة إلنا نحنا الاتنين هو "يوم" في طفولتنا... والتعريف العام لكلمة "يوم" أو للفترة الزمنية المسماة "يوم" عندنا هو انه "يوم" ببساطة شديدة وبتعقيد شديد، هو يوم في قبله متله وبعده متله، هو ممكن يمرق وما نحس فيه بس ممكن يمرق ويغير حياتنا إلى الأبد... بيعنيلنا شي مختلف تماما عن شو بيعني لأهلنا لأنهم في كل "يوم" بيكون قدامهم عدد لانهائي من القرارات تتراوح أحجامها ما بين الميكروسكوبية التافهة إلى الجوهرية العملاقة... لهيك الـ"يوم" بيكون مشحون... مشحون بالنسبة إلنا ومشحون بالنسبة لأهلنا

واليوم تحديدا... ماما أخدت قرار هو عين العقل وصح الصح انها تقضي "اليوم" معنا بالبيت مشان تضمنلنا وفقا للوسائل المتاحة بين إيديها ان اليوم رح يمرق بسلام واننا رح ناكل ورح نلعب ورح نكبر... رح نصير أكبر بيوم لما هاليوم يعدي على خير... 
واليوم تحديدا... بابا أخد قرار هو عين العقل وصح الصح انه ينزل المظاهرات تبع "اليوم" مع المصريين اللي بالشوارع مشان يضمن وفقا للوسائل المتاحة بين إيديه ان مستقبلنا رح يكون فيه سلام واننا رح ناكل ورح نلعب ورح نكبر... رح نصير أكبر بعمر لما هالعمر يعدي على خير...

كل يوم هو بنظرتنا الطفولية يوم صعب ويوم مهم... كل يوم هو بنطرة أهلنا الشمولية يوم صعب ويوم مهم... اليوم أصعب وأهم من غيره بس عم نحاول نعيش كلام هالمقولة "أنا لا أعرف ماذا يحمل لي المستقبل ولكنني أعرف ذاك الذي يحمل المستقبل"... 

الكبار بيعرفوا ان الأطفال بيحبوا يلعبوا بالطين... بس المشكلة لما اللي مفكرين حالون كبار، كبار كتير كمان، عبوا تراب بلادنا بالدم... صار طين... بس ما بينلعب فيه... لهيك لا نصنا السوري عرفان يبوس تراب سوريا ولا نصنا المصري ضامن مستقبله ع تراب مصر...

شفتوا كيف الطفولة بالنسبة إلنا نحنا الاتنين "سبيشال"؟ لأنها ببساطة "وصفة صعبة"... صعبة علينا وصعبة على أهلنا...

وبعد عام وبضعة أيام، عن طريق حساب صديقتي على فيسبوك، صادفت هذه القصيدة لـ"ديمة الخطيب" في توقيت قد يعني بعض الأمل للمصريين ولكنه يمرعلى السوريين أسوأ من سابقه أما الفلسطينيون فيتذوقون طعم الحرب من جديد مع عملية "الجرف الصامد" رأيتها أنا أشبه بشنط رمضان مع بعض التعديلات في المحتوى توزعها طائرات حربية إسرائيلية عوضا عن فاعلي الخير ومنظمات الإغاثة

قصيدة "أنا طفل عربي" أدهشتني في مزجها ما بين ذكاء شموليتها وعذوبة صوت كاتبتها ثم أبكتني لواقعيتها وقربها مني كأم عربية... إذ سمعت فيها صوت ابني يقول: "أنا طفل عربي" وصوت ابنتي تردد خلفه كعادتها في ترداد ما يقول: "أنا طفلة عربية" (مع انها تتكلم عن نفسها بصيغة المذكر)

أنا أم عربية لطفل عربي وطفلة عربية
أخ وأخته
لأب مصري وأم سورية
من سحر نيل القاهرة إلى عبير ياسمين دمشق
رضعوا من والديهم الكثير برغم غريزة الأمومة التي راودتني هلاوسها فيما يخص حماية أطفالي، فكنت أحميهم من "الطير الطاير" ولكنني لم أتمكن من حمايتهم مني أنا فقد وصلهم ما في عروقي عبر زجاجات الرضاعة وكان مفعوله أسرع من "حليب الأم"

ولكن مالذي كنت أحاول حمايتهم منه؟
أهو عشقي الأبدي لدمشق؟
أم جنون بيروت الذي تسلل إلى خلايا روحي فسكنها؟
أم صداقتي بالقاهرة التي أراها تشبه أغنية فيروز "تعا ولا تجي"؟
أم جمال الإسكندرية الذي انطبع على حياتي كالوشم فأصبحت أنا وهي كالحبيبين الذين يعكسان بعد عِشرة السنين ملامح بعضهما البعض؟

يتغير معنى الأوطان ومكانتها في وجداننا عندما نتذوق طعم الغربة، تماما كما يتغيرمعنى الأوطان ومكانتها في وجداننا عندما نذوق طعم الأمومة والأبوة
نرى الدنيا بعيون مختلفة، نرى بلادنا بشكل جديد، تلك البلاد التي نسكنها وتسكننا فيمتزج التاريخ بأيامنا المعاصرة ويتلاقح ما هو خارج منزلنا وخارج عن إرادتنا مع ما هو داخل دويلاتنا ( كما في دويلتي) لم يرضع طفلاي حمى الهجرة (الشرعية منها والمتخفية تحت الأعذار وخلف الأكاذيب البيضاء) لم ننقش على أحجارهما الغضة إلا حب الوطن وغريزة الانتماء وشتلة الهوية لكنها كلها أمست رفاهيات يبعد منالها مع أول قطرة حرب...

يحكي لي والدي عن حرب تشرين عام ١٩٧٣ قبل ولادتي بسبعة أعوام لأشهد حربا أشرس تدور رحاها في يومنا هذا بينما اختلفت جحافل المتناحرين وتطورت أحذيتهم التي يدوسون بها على مقدساتي، على سوريتي، ويخبزون لنا "خبزا أحمر" عبر الأقمار الصناعية والشبكة العنكبوتية دون أن تتلطخ أيديهم بطحين أو تراب أو ضمير

أيعقل أن ينهض بلدي من الاستعمار ليعيش هدنة تدوم ثلاثين عاما لتتلقفه رحى الحرب ثانية فيحظى بهدنة لم تدم أربعين عاما إلا وينقض ذلك الغول عليه من جديد فيولد شعب بأكمله ما بين سنوات الهدنة وسنوات الحرب... أية لعنة تلك التي حلت بنا فلا نكاد نلملم أشلاءنا ظنا منا أن القادم هو "إعادة إعمار" سياسي و "إعادة تأهيل" اجتماعي و "استشفاء" جسدي ونفسي فنصب جام أملنا على الجيل القادم أن يكون جيلا نقيا يمحي ذكرى ما مضى ويمضي قدما بخطى حثيثة ولكن... نحو السراب

أنا أم عربية
أرسم على أوتار لغة الضاد
وألون أحلامي بطيف الأكاذيب
أعلق في أقدامها خواتمي
علها تطير عائدة إلي
إلى وطن يؤلمني
وطن أضمه فيضمّدني
ويهمس في أذني
"يا ابنتي
لا تخافي...
آمني فقط"

رهام جرجور
الاسكندرية ١٢ تموز/يوليو ٢٠١٤ 

Friday, July 4, 2014

our rope

our 8th wedding anniversary is not until the end of next month, but a facebook post by a friend this morning got me thinking about marriage and choosing a life partner, here are parts of what he wrote:

"... a good wife is from the Lord" I always thought that this meant that God's role in my finding my better half was to make her out of the rib He took away from me, the fact that he would cause our paths to cross. And may be prepare her for me...but I always thought this is not enough I have a role in this too, my role is to woo this woman's heart, to try and make her safe in me as I in Him. Now after so many attempts I give up. ... It simply just doesn't work a woman's heart is far more complex to be just wooed. I have to rely on Him to do the wooing for me...

Now I always thought that my life resembled the Song of Solomon till chapter 5 ...I am sad to inform you that the greatest love song ever written doesn't end in they lived happily ever after.... It ends in a brokenhearted lover gone AWOL and a naked beaten and lost lover aimlessly wandering.

Marriage is a miracle ( this is why what God joins together no man can separate) unfortunately not all people have this miracle ( even the married ones).
So if you have this miracle be thankful and enjoy it. If you don't I have a saying to you from "Shawshank Redemption" : Get busy living.... Or get busy dying !

being on the "other side" of this continuum i disagree with a lot of what he said... marriage is a miracle only in fairy tales where it's said that you find THE ONE and you live HAPPILY ever after just because you got married out of love, actually FALLING in love

in real life, and to be more specific in the lives of Christians who are active in ministry and have a leadership role, marriage is no miracle and there's no happily ever after simply because you don't start by falling in love, a free fall, it's more of an active act of love, i'm not denying or minimizing God's role here, but the human role is gigantic, it starts not by finding the right person, but by being a person who's a right match for SEVERAL people
you might meet them all (which makes it even harder and more complicated) you might meet one or two but the timing is wrong, you might meet them and a spark appears, chemistry, admiration, crush...
this is God's work but it started way back in creation not tailored to your specific situation, men and women get attracted to one another all the time... but what you do with it is your own decision and HARD WORK... get used to hard work because you'll need it a LOT, during courtship but most importantly during the HARD journey of marriage itself... still, God's role is major and prayer is more needed now than ever, and this doesn't take place INSTEAD of hard work, but ALONG WITH hard work

so if marriage is so hard and needs THAT much work, why get married in the first place? just because God DEMANDED it? because you're incomplete till you find THE one? because married people never feel lonely?

no, i personally spent years living abroad by myself, my days were full, i compartmentalized my life into categories: college, work, church, ministry, friends, fun, recreation... i had never felt so full and complete in my life like i did back then, but at the same time i was utterly lonely, all my friends had graduated long before i even moved outside my country, some got married and had children already, i've seen some marriages fall apart and i made up my mind: "either a successful marriage or a lifetime of singleness, i can't afford a failed marriage" even though deep inside i had a longing for a partner but this longing was subject to my thoughts and i kept it under control because i knew that once my emotions get involved i'll lose control and i will no longer be able to think logically about marriage, there was a big chance i'd jump into a relationship just to fill a gap or meet a need or simply feel desperate and go with the flow.

it was during that time i met this guy when i came to Egypt for a short conference, i almost cancelled my trip and later i learned that he too wasn't planning to attend either. We stayed in touch for two years as our relationship gradually moved from one level to another but it all fell apart at some point in the middle. Why did it continue after that? Why did we get married eventually? Was it because marriage seemed the next right thing to do? the timing seemed so wrong because each one of us had specific plans for the near future, we each felt so independent and complete WITHOUT each other... so how did everything change?

the leader who recommended my name for that conference is the same person who said a quote i'll never forget: "Marriage happens between two independent people who become interdependent, a marriage between two dependent people is doomed" and that answered two major questions i had regarding marriage: Why get married? When should it happen if ever?

when a person is dependent (s/he depends on his/her parents or siblings or anyone else), and then this person gets married, s/he has false expectations about this union and each one person of the new couple expects the partner to fulfill the need for dependency hens the marriage stumbles.

but when two independent people who seem so far away from the NEED and URGE to get married, do get married, then that's a formula for success. i personally use the example of two great companies, each is successful and flourishing on its own, decide to merge. i'm no expert in economics but i KNOW that this is a GOOD thing, the future of these companies becomes very promising. each could've continued on its own so perfectly well, yet they CHOSE to merge with all the risk and work there is in this merge, yet all the potential and future too

why get married? because "A cord of three strands is not quickly broken" Ecclesiastes 4:12b. (read also verse 11 and the first part of verse 12). i like to understand this verse through a "traditional" lens and see God, my husband, and myself as the three strands of this cord called marriage. why now? (i mean then) it's because only then we were both independent enough to move to the interdependence or codependency state of marriage... still, all WHY questions can't be answered so easily and briefly, i've spent the past 8 years figuring out answers for these two questions and a whole lot of other questions, but this was the starting point for me.

now what happens after marriage, is not a Happily Ever After but actually a Hard Work Ever After, you start by making that decision of spending the rest of your life with this person then you spend every single day (sometimes hour) making equally difficult decisions for the sake of this cord, for the well being of this cord, because this cord is the family's safety net once the kids arrive, because this cord is a life rope for others you minister to (and that's why i mentioned ministry early on) because this cord is an example MANY people look up to and learn from (specially if you're a pastor's family) because you can do so many fun things with this cord and enjoy life to the maximum, because this cord will help you learn, grow, mature and become your "bestest" self "everest", because without this cord you would've been fine and complete too yet you chose THIS CORD to become YOUR LIFE from now on and there's no turning back. i'm not talking about divorce here, "turning back" starts way before divorce and there are numerous families who still live together long after they've already turned back, they turned their back on themselves, on each other, on their kids, on that cord.

i can write page after page, eight years worth of pages about marriage, but at this point in my journey, our journey, all i can say is that marriage is not a happy ending for a fairy tale, it's no solution to loneliness (this might shock some , motherhood either is no solution to loneliness) the two companies base their merge on giving and investing first before they expect any profit.

so, in your marriage,  if things are pleasant, enjoy it, if things are tough then hang on to that rope, tie a knot to help you stay there till you gather your energy to work even harder and see your marriage through this rough patch, once it's over you'll realize that it's worth it, it's worth every drop of sweat and tears and none of it goes wasted. stay true to yourself and your rope, be real, don't fake success because it makes others feel like big fat failures, we all go through struggles and when our marriage suffers, it might be for internal reasons or because of outside forces that left its impact on your relationship.

i've seen it happen a lot (the struggle part) but only a few commit to getting through it, make up your mind to commit till the end and once you pull yourself together you'll find out that you've helped many others do the same and that you've been such a blessing for them more than you imagine, more than what could've been had you pretended that all is well all the time... this is what love does, specially when it's true, mature, and strong love... when it's simply LOVE

photo cutline: found this photo online and added the verse in Arabic, then tried to find a recent photo of my husband and me... went back album after album till January 2014 and all photos included the kids!!! this fact needs a separate post in itself...

Tuesday, July 1, 2014

Live like a girl

my friend shared this commercial on her fbk page and it brought tears to my eyes...I'm raising my daughter to BE A GIRL but all I do seems so different than what other mothers are doing, I kept doing it anyway because I trust my 4 years studying Elementary Education and the extra year i spent working on my diploma, I trust my psychology professors, books, papers, research and I trust sociology experts who emphasize words of wisdom for moms raising daughters...

it's a daily, sometimes hourly question i ask myself: "am i doing it right?" i don't want my daughter to be like me, i want her to become a far better woman than i am, this means hard work for me and it didn't start at her birth, not even during pregnancy, it all started when i said YES to my love, when i chose a father for her, one that would walk with me along the journey of raising a boy who loves and respects females before he even had a sister, and to raise my daughter in a way that honors God who created her on HIS image just like her brother, her father, and myself...

it's interesting that this video features females who live in the West, where there's supposed to be equality and freedom, yet they struggle with their identity and self esteem as girls. Here in the MENA region people who immigrate voice one of their top concerns which is about raising their kids, SPECIALLY their daughters in the West, they'd rather raise them up here where it's more "safe" then take them there for a better future. i see that it's way more difficult to raise kids SPECIALLY daughters here, because I'm currently swimming against the current, and the current is strong because of a resilient thick rope that keeps pulling me back, its main components are forces of social norms, religion, tradition, man's superiority and dominion, plus concepts like "shame", "inappropriate", "unacceptable"... etc. All of these forces are entangled in that rope as they conspire together to make sure girls are tied up and well kept and "preserved" like pickled veggies inside a transparent jar, for us to look at and enjoy them occasionally opening up the jar when we need a "piece"...

the issue of women's rights and gender equality are hot topics in the MENA region and hot topics in our household too, yet i try to make as little fuss as possible about it and go through the motions pretending it's not even there for fear that i'll be exaggerating or over emphasizing it to the extent of being repulsive, so i keep reminding myself to do simple yet powerful things, to say little yet gigantic words... just like this video did

so now I know that not only what I've been doing for the past 3 years (actually 10 years) was right but it also has a name: I'm "REwriting the rules" and that's SO hard, but it's worth it... and this does not exclude my son who helps a lot without knowing it at the age of 5, but we all work together. even if i feel that it's double the work for me i still pray that both my boy and my girl will grow up saying "I would run like myself" I will LIVE like myself... my BEST self

photo cultine: i took this photo this very morning when i noticed that my son was extra nice to his sister as they walked upstairs and into their nursery/summer school. i'm glad i had my camera to document this moment which drew a smile on my face as i drove back home praying that they'll be BFF's, side by side, going through the journey of life hand in hand because they are equally loved and equally cherished by God and us, their parents...